السبت، 2 يناير 2021

ممنوع في فرنسا الحديث عن "رجال العصابات الثلاثة الفرنسيين المتورطين في اختطاف واغتيال المهدي بنبركة"

 ممنوع في فرنسا الحديث عن "رجال العصابات الثلاثة الفرنسيين المتورطين في اختطاف واغتيال المهدي بنبركة"




- في حوالي سنة 1993 انتهيت من تأليف كتابك السير-ذاتي «Mort vivant»(ميت حي)، لتفاجأ بأن العديد من دور النشر الفرنسية ترفض نشره بسبب عدد من مضامينه؛ اِحك لنا كيف عشت هذه التجربة..

في البداية التقيت بطبيب فرنسي، له مؤلفات في المجال الطبي ويهتم بجمع التحف «Collectionneur»، وكان على علاقة بالعائلة الملكية، إذ إنه درس مع الأمير مولاي عبد الله في المدرسة الفرنسية الشهيرة المعروفة ب»إيكول دي روش» (L'Ecole des Roches). وقد بعثني هذا الطبيب إلى دار نشر في باريس، فاتصلت بالناشر وسلمته المخطوط، واتفقنا على أن يتصل بي بعد قراءته. وبعد مدة قصدت دار النشر، فسلمتني السكرتيرة المسودة وهي تقول: كتابك لا ينسجم مع نوعية ومجاميع الكتب (Les collections) التي ننشرها..
- لماذا؟
لست أدري. هذا هو السبب الذي قدمته إلي السكرتيرة. وعندما أخبرت الطبيب بذلك، قال لي: اُنظر، الناشر تحفظ على نشر كتابك، لأنه على علاقة متميزة بالعائلة الملكية، وله مصالح معها. ضربت عنه صفحا، وبدأت الاتصال بكبريات دور النشر الفرنسية، لكنني كنت أفاجأ في كل مرة باعتذارها إلي بعد قراءتها للكتاب. وفي النهاية، أيقنت بأن نشر الكتاب أصبح أمرا مستحيلا مادام الحسن الثاني على قيد الحياة.
- لذلك لم تنشر الكتاب إلا سنة 2000 لدى دار النشر «Pygmalion Gérard Watelet»، ولم تكن الأمور بالسهولة التي توقعتَها؛ اِحك لنا عن ذلك؟
بعد موت الحسن الثاني في يوليوز 1999، قصدت دار النشر Pygmalion وقدمت إلى ناشرها الكتاب فأعطاه إلى لجنة القراءة التابعة لمؤسسته. وبعد قراءة الكتاب، دعاني الناشر إلى اجتماع كان مصحوبا فيه بأعضاء لجنة القراءة، وعندها قال: أنا مستعد لنشر كتابك إذا وافقت على حذف العديد من الفقرات الحساسة منه.
- فقرات.. مثل ماذا؟
طلب مني أن أحذف الفقرات المتعلقة برجال العصابات الثلاثة الفرنسيين المتورطين في اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، والذين كنا قد التقينا بهم (الإخوة بوريكات) أثناء سجننا في المعتقل السري النقطة الثابتة 3 «PF3»، فحكوا لنا أن رأس المهدي بنبركة مدفون هناك، قبل أن تتم تصفيتهم بدورهم ودفنهم في «PF3».
- لماذا يطلب منك ناشر فرنسي أن تحذف من الكتاب حكاية مرَّ عليها أزيد من 30 سنة؟
لست أدري. لقد كان ناشر «Pygmalion» يمينيا، وفي الغالب كانت له بدوره مصالح مع المغرب.
- هل يعني هذا أن قضية بنبركة مازالت خطا أحمر حتى في فرنسا، بلد الحريات؟
نعم.
- كيف تم الاتفاق في النهاية مع ناشر «Pygmalion Gérard Watelet»؟
لقد وافقت على شروط الناشر وحذفت الفقرات التي طلب مني حذفها. (يصمت).. لقد حذفت ثلث الكتاب.
- ما هي أهم المضامين التي حذفتها، بالإضافة إلى حكاية رجال العصابات الثلاثة المتورطين في اختطاف واغتيال بنبركة؟
لقد حذفت أهم ما كان يتضمنه الكتاب، أي كل ما يتعلق بأسرار القصور الملكية التي عشتها ورأيتها كما عاشها والداي وإخوتي؛ كما أنني استغنيت عن تفاصيل حكاية لقائنا برجال العصابات الثلاثة بعد أن اشترط علي الناشر حذف الأسماء والتفاصيل المهمة عن تصفيتهم.
- لماذا أذعنت لشروطه القاسية؟
لأنني ضقت ذرعا باحتفاظي طويلا بالكتاب، وكانت بي رغبة شديدة لإخراجه. وبعد صدوره، بدأت معركة أخرى من التضليل وضرب جدار من الصمت عليه، حيث رفضت أغلب وسائل الإعلام الفرنسية، المملوكة طبعا للوبيات المالية، أن تخصه بما يستحقه من تغطية إعلامية باستثناء القناة الإخبارية المعروفة «LCI» التي استضافتني، لغرض آخر غير صدور الكتاب.
- لأي غرض استضافتك «LCI»؟
في البداية، تم استدعائي على أساس مناقشة الكتاب لمدة 25 دقيقة، في أحد البرامج التي كان ينشطها المذيع الفرنسي ذو الأصول الإسبانية «David Pujadas»، لكنني اكتشفت أن غرض القناة والمنشط هو معرفة مبلغ التعويض الذي تسلمناه من طرف الحسن الثاني. وعندما تم إدخالي إلى قاعة الماكياج، وجدت فاطمة الشنا، زوجة أوفقير، تجلس إلى كرسي ماكياج بجانبي.. علقوا بسترتينا المكروفون ودخلنا إلى البلاطو..
- أنت وفاطمة أوفقير؟
نعم. على البلاطو، وجدت المنشط يضع كتابي جانبا، بشكل لا يمكن معه للكاميرا أن تركز عليه. التفت «David Pujadas» إلى فاطمة أوفقير وسألها عن زوجها، فبدأت تتحدث عنه كبطل. وعندما أعطاني الكلمة، قلت إنني أفرق بين المأساة التي تعرضت لها عائلة أوفقير، والتي أعتبرها من أسوإ المآسي التي عرفها عهد الحسن الثاني، وبين أوفقير الدموي، الذي أسس «الكاب 1» وتسبب في قتل المعارضين.. أزعج حديثي إدارة القناة ومنشط البرنامج، خصوصا بعدما انخرطت السيدة أوفقير في البكاء، فقاطعني المنشط وعرج على موضوع آخر خارج ما كان متوقعا الحديث فيه..
- ما هو؟
سألني عن التعويض المالي، قائلا: تحدث لنا عن مبلغ ال10 ملايين فرنك فرنسي الذي تلقيتموه (الإخوة بوريكات) من الحسن الثاني، فأجبته على الفور: إذا كنت تتوفر على هذا المبلغ فسلمني إياه.
- لماذا أنكرت تسلم التعويض؟
لقد استدعيت للحديث عن كتابي حديث الصدور، فإذا بي أجد المنشط يسألني عن أوفقير وعن التعويض. عندما أجبت»David Pujadas» بتلك الطريقة تلقى إشارة لقطع الحلقة، فأوقفها قبل موعد نهايتها.

من مقال
بوريكات: تحدثت عن جرائم أوفقير فأجهشت زوجته بالبكاء
قال إن دور النشر الفرنسية رفضت طبع كتابه قبل وفاة الحسن الثاني
نشر في المساء يوم 26 - 06 - 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير