السبت، 2 يناير 2021

قتلة المهدي بن بركة في «PF3»

 قتلة المهدي بن بركة في «PF3»



- خلال اعتقالك داخل المعتقل السري «PF3» (النقطة الثابتة 3) رأيت عصابة رجال الأعمال القذرة «la bande de truand»، الذين أشرفوا على اختطاف المهدي بنبركة. هل تحدثتَ إلى أحدهم؟

مرت عدة أشهر كنا خلالها نحن الثلاثة (الإخوة بوريكات) وثلاثة من رجال العصابات (من أصل أربعة، هم: بوشيش ولوني وباليس ودو باي) الوحيدين داخل «PF3»، ولم يكن مسموحا لنا بمغادرة زنازيننا إلا للذهاب إلى المرحاض. وقد تطلب الأمر انقضاء مدة قبل أن تسنح لنا الفرصة لتبادل أطراف الحديث مع رجال العصابة الثلاثة.
- كيف؟
ذات مرة، وبينما أنا «أتعلق» لأبصر من فتحة باب زنزانتي ما يحدث في الباحة التي تتوسط الزنازين، لمحت أحد الحراس قادما بقطعة من الجبن الأحمر، ثم قدمها إلى أحد رجال العصابة، بعدها بدأت ألاحظ كيف أنه أصبح، من حين لآخر، يفتح باب زنزانته ويناوله شيئا ما. لاحقا سوف أعرف بأن السجين الذي يحظى بهذه الامتيازات هو «لوني»، كما علمت بأنهم كانوا مفصولين الواحد عن الآخر بزنزانة فارغة، كما كان الحال بيني وبين شقيقيّ، فكان نزيل الزنزانة الأولى هو دو باي، ثم يليه لوني ثم بوشيش، هذا الأخير كان قليل الكلام، وحينما كانوا يتحدثون إلى بعضهم البعض، كان بوشيش يظل صامتا أو يعبر عن رأيه بإيجاز، وحين كان أحدهم يلح في سؤاله يجيب: دعني وشأني، أو «tu m'emmerdes S . لاحقا سنعرف الطريقة التي بدؤوا يتواصلون بها مع بعضهم، بالرغم من وجود الحراس. ذات يوم ممطر، غزت المياه زنزانة دو باي، فأخذوه إلى زنزانة مجاورة لزنزانة شقيقي علي، فبدأ يتواصل مع علي من خلال علبة السجائر، حيث إن الحراس بدؤوا يمنحوننا من حين لآخر علبة من نوع «تروب» «troupes» ( «كازا سبور ديال لعسكر»)، ومع أنني لم أكن أدخن فقد طلبت بدوري علبة سجائر وأعواد ثقاب، لأتواصل مع رفاقي
- كيف؟
كان الواحد منا يأخذ قطعة من ورق العلبة، ويكتب عليها بعود الثقاب المحترق بعد أن يبلله بالماء أو اللعاب، ثم يدس الوريقة من فجوة بين الزنازين، حيث كانت الأبواب جرّارة «coulisse»، فيطل الآخر من فجوة الباب فيقرؤها ويرد عليها، ثم نمحو الكتابة ونكتب ثانية وثالثة وهكذا.. بعدما انتقل دو باي إلى الزنزانة المجاورة لزنزانة شقيقي علي، بدأ يتواصل معه، ومن خلاله مع بايزيد، ومن خلال هذا الأخير يتواصلون معي أنا.
- ما الذي كنتم تتبادلونه في تلك الرسائل؟
خلصنا إلى أننا بين يدي الدليمي، كما سنعرف من علي، ولأول مرة، بأنه تعرض للتعذيب مرارا أثناء الاستنطاقات التي أخضع لها، بعدما كنت قد سمعت صراخه في إحدى المرات التي ساقوني فيها للتحقيق بالفيلا. طبعا لم تكن وسيلة الاتصال بالكتابة على أوراق التبغ كافية لكي نعرف تفاصيل ما حدث لعلي. لكن ما كان مهما هو أننا أصبحنا نتواصل فيما
بيننا.
- ما حكاية الحارس المسمى مولاي علي الذي كان يتعاطف مع سجناء «PF3»؟
مولاي علي بدأ يتعاطف مع شقيقي علي.
- هل كان رئيس الحرس هناك؟
لا، رئيس الحرس كان هو موح بوتولوت، .وقد كانت مهمة هؤلاء الحراس هي الحراسة والتعذيب. المضحك والغريب هو أن أولئك الحراس كانوا كلهم تقريبا من نفس العائلة، آباء وأبناؤهم وأبناء عمومتهم.. من قبيلة آيت سغروشن. فمثلا رئيس الحرس، موح بوتولوت، كان له شقيقان، أحدهما كان هو السائق المكلف باقتياد المعتقلين إلى مكان الاستنطاق وجلب «الكاميلة ديال الأكل» إلى «PF3» لأنه لم يكن هناك مطبخ.
- هل كان الأكل جيدا؟
نسبيا، لقد كنت أشاهد السائق، موح بوتولوت، يخرج من السيارة «fourgonnette» خلال الزوال قدرا من الطعام، وعشرون خبزة، نحصل منها، نحن الستة، على خبزة واحدة للفرد، فكرت حينها في وجود نقطة ثابتة أخرى بالجوار. لاحقا حين سننسج علاقة جيدة مع الحارس مولاي علي، سيؤكد لنا هذا الأمر.
- احك لنا عن العلاقة مع الحارس مولاي علي؟
بعد انقضاء عشرة أشهر على وجودنا في «PF3»، بدا وضعنا يعرف بعض الانفراجات، فصار مسموحا لنا، من حين لآخر، بتبادل بعض الكلمات مع بعضنا البعض، لكن عن بعد، كما أصبح يسمح لنا بمغادرة زنازيننا للوقوف تحت الشمس لبعض الوقت.
- هنا عرفتم بتفصيل ما حدث لكل واحد منكم؟
لا، لم نكن نخرج في وقت واحد، بل كان يخرج كل واحد منا على حدة.

من مقال
بوريكات: كان معتقل «PF3» مقتصرا علي أنا وشقيقي وثلاثة من «قتلة» بنبركة
قال إنه كان يطلب حصته من السجائر لكي يتمكن من التواصل مع أشقائه عبر ورق علب التبغ
نشر في المساء يوم 28 - 04 - 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير