السبت، 2 يناير 2021

بوريكات: هكذا قتل مختطفو بنبركة ودفنوا أمام أعيننا في «PF3»

بوريكات: هكذا قتل مختطفو بنبركة ودفنوا أمام أعيننا في «PF3»




 - كيف انكشف أمر مولاي علي، أحد حراس معتقل «PF3»، الذي كان وسيطا بينكم (الإخوة بوريكات) وبين والدتكم؟

بعد مدة من تردده على بيت عائلتنا، قررت أمي وأختي خديجة الانتقال إلى منزل آخر، بعد أن أصبح وجودها في الفيلا التي كنا نسكنها رفقتها يؤلمها، وقد أخبرت الحارس مولاي علي بعنوانها الجديد حتى لا ينقطع الاتصال بيننا.
- هل كان مولاي علي يتردد على بيت عائلتكم لقاء مقابل مادي؟
كلما كانت أمي تهم بنفحه ببعض المال كان يرفض ذلك، فقد كان يعتبر أن ما يقوم به عملا إنسانيا. وفي إحدى المرات، أرسل شقيقي بايزيد رسالته المشفرة إلى أمي يطلب منها أن تعطي مولاي علي «كوستيم» إنجليزيا كان له، وقبل مولاي علي بذلك، وأخذ الكوستيم الأنيق إلى الخياط ليضبطه على مقاسه، ثم جاءنا لابسا إياه.
- ألم يكن حراس ال»PF3» يلبسون زيا رسميا؟
لا، كانوا يشتغلون بلباسهم المدني، فهم لم يكونوا عسكرا، بل منهم من كان برتبة مفتش شرطة «Inspecteur» تحت إشراف إدارة خاصة. يجب أن تفهم أن هذه النقط الثابتة «PF» تمّ إنشاؤها كنقط تابعة للكاب 1 والكاب 2 بإشراف من الجنرال أوفقير، وبعد ذلك صارت الفيلا التي تتمّ فيها استنطاقات سجناء ال»PF3» بمثابة حي إداري، يجتمع فيه الحراس ويتلقون فيه التوجيهات والتعليمات.
- كيف انكشف أمر مولاي علي؟
استمر مولاي علي في زيارة والدتي إلى أن حدث، ذات مرة، أن جاءت شقيقتي رفقة زوجها... اليعقوبي، الذي كان يشتغل في وزارة الداخلية، لزيارة أمي، وصادف وجودهما في البيت زيارة لمولاي علي، وعندما سألت أختي وزوجها أمي عنه أخبرتهما بحقيقته. ورغم أن أمي توسلت زوج أختي أن يكتم هذا السر، فقد بادر اليعقوبي بمجرد أن عاد إلى بيته إلى كتابة تقرير في الموضوع وسلمه إلى مسؤوليه.
- ما الذي حدث بعدها؟
كان مولاي علي قد أعطى شقيقي بايزيد مصحفا، بموافقة من الإدارة. وذات صباح، بدأ مولاي علي عمله الذي كان من المفترض أن ينهيه عند الزوال، لكننا سمعنا أحد الحراس يخبره، بعد وصوله بقليل فقط، بأن موح (رئيس الحراس) يطلبه. وعندما عاد مولاي علي من لقاء موح أخذ يسلم مودعا المعتقلين، ثم استرجع المصحف الذي كان قد أعطاه لبايزيد. أما الشخص الذي جاء لتعويض مولاي علي فلم يكن غير ابن أخت الجنرال أوفقير.
- ما الذي أخبركم به مولاي علي حين كان يودعكم؟
أخبرنا فقط بأنه قد تم نقله إلى مكان آخر. لكن المثير هو أن الشخص الذي حل مكانه «تصاحبْ معانا بلا قياس»، فكان بين الفينة والأخرى يعد «براد» شاي ويأتينا به. وشيئا فشيئا، بدأ يسألني عن محل إقامة والدتي، ويقول لي إن عليها زيارة أم الملك علها تتدخل في موضوعنا، فارتبت فيه.
- ما الذي فكرت فيه حينها؟
شككت في أمره، لذلك كنت، في البداية، أسمع منه وأجيب بأن الوقت ليس مناسبا، معتقدا أنه مكلف من طرف الإدارة باستدراجي لأعترف له بما كان بيننا وبين مولاي علي. لكن مع مرور الوقت، اتضح لنا أن هذا الشاب، الذي كان يبدو عليه تعاطي الشرب كثيرا، لم يكن مسخّرا من أحد، بل كان شجاعا. وقد صار يتجاذب معي أطراف الحديث أكثر من باقي السجناء، وكان يحثني على ضرورة القيام بكل ما من شأنه أن يمكنني أنا وإخوتي من الخروج من تلك «الحفرة».
- ألم تطلب منه زيارة والدتك؟
أعطيته عنواننا القديم، وعندما لم يعثر على والدتي أحس كما لو أنني كنت أتلاعب به. وقد ظل الوضع على حاله إلى أن انتهينا من التخطيط للهروب من «PF3».
- اِحك لنا عن ذلك..
عندما اقتربنا من تنفيذ العملية، كان رجال العصابات الثلاثة (مختطفو بنبركة الفرنسيون) لايزالون معنا. وقد كان رأيي هو أن ننتظر ترحيلهم إلى سجن آخر قبل أن ننفذ عملية الهروب، حتى لا يرتبط اسمنا بأسمائهم وبتاريخهم القذر، وقد كان لنا ذلك، فذات يوم جاء الحراس لاصطحاب رجال العصابات الثلاثة، وعندما سألت مولاي علي -الذي كان حينها مايزال يشتغل في ال»PF3»- عن وجهتهم أجابني بأنهم سينقلون إلى سجن بالدار البيضاء «باش يرتاحوا»؛ وبحكم احتكاكنا بمولاي علي فإننا كنا قد أصبحنا نعرف أنه حين يكون هناك أمر في غاية السرية فإنه لا يقول لنا الحقيقة. وخلال هذه المدة جاؤوا بسجين جديد، أخرجوه من الشاحنة أمامنا ووضعوه في زنزانة مقابلة، وبعدها بيوم أو يومين جاء الحراس بقِطع ثلج كبيرة، حينها أدركنا أن الشخص ميت، وإن هو إلا يوم أو اثنان حتى أخرجوه من الزنزانة وحفروا له قبرا في ساحة ال»PF3». وبعد يومين تكررت نفس العملية. وقد كنا نسمع الحراس يتحدثون عن الموتى الذين دفنوهم، ومن خلال أحاديثهم تلك استنتجت أن هؤلاء ليسوا إلا مختطفي بنبركة (دفن بوشسيش يوم 29 أكتوبر 1974 وديباي ولوني لاحقا).
- كيف تأكدت من ذلك؟
لأنه مباشرة بعد نقلهم جيء بالجثث الثلاث، وحين كان الحراس يتحدثون سمعت أحدهم يقول: «دابا ملي مشاو هادوك تهنينا».
- ألم تسأل مولاي علي عن الأمر؟
مولاي علي تكتم منذ البداية عن هوياتهم حين أخبرنا بأنهم مهندسو تبريد.

من مقال

بوريكات: هكذا قتل مختطفو بنبركة ودفنوا أمام أعيننا في «PF3»
قال إن زوج أخته رفع تقريرا إلى الداخلية حول حارس ال«PF3» الذي كان يزور والدته
نشر في المساء يوم 04 - 05 - 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير