السبت، 2 يناير 2021

لا نملك أي شيء ضدكم.. أنتم أحرار

 لا نملك أي شيء ضدكم.. أنتم أحرار




- كم بقيت في المستشفى العسكري، الذي نقلت إليه من ثكنة أهرمومو، التي قضيت فيها حوالي 10 أيام بعد الإفراج عنك من تازمامارت؟

حوالي ثلاثة أشهر. لقد تم نقلي إلى المستشفى العسكري رفقة شقيقي بايزيد الذي أجريت له عملية جراحية على فتق الحجاب الحاجز (La hernie hiatale)، فيما كنت أتابع علاجي في جناح الأمراض الرئوية. وقد تم وضعي في غرفة تخصص عادة لكبار الضباط العسكريين والدبلوماسيين، بعد تحويلها إلى زنزانة بباب حديدي مزدوج، يحرسها، ليل نهار، دركيان، أحدهما يمكث رفقتي في الغرفة-الزنزانة، والثاني يرابط ببابها. وأذكر أن البروفسور الذي كان مشرفا على علاجي، وكان برتبة كولونيل ماجور، طلب يوما من الدركي الذي يوجد معي في الغرفة أن يبتعد عني قليلا، حتى يتمكن من كشف مناطق حساسة من جسمي، فأجابه الأخير: «أنت لست رئيسي حتى أتلقى منك أوامر»، وبقي لصيقا بي. كما كان يداوم على رعايتي ممرض بسطوا له فراشا على الأرض في غرفتي فكان يظل معي ليل نهار تحسبا لأي عارض صحي قد يلم بي.
- هل أصبحت خلال المدة التي قضيتها في المستشفى العسكري قادرا على المشي؟
لا، لم أتمكن طيلة فترة وجودي بأهرمومو ثم بالمستشفى العسكري من المشي.. كنت كسيحا مقعدا.
- وشقيقك بايزيد؟
بايزيد كان قد تمكن من الوقوف على قدميه والمشي بالكاد بتؤدة.
- ما الذي حدث بعد خروجكما، أنت وشقيقك بايزيد، من المستشفى العسكري؟
تم نقلنا إلى «الكوميسارية سنطرال» في منطقة المعاريف بالدار البيضاء.
- من تولى نقلكما من المستشفى العسكري بالرباط إلى»الكوميسارية سنطرال» بالدار البيضاء؟
الكولونيل فضول، ومجموعته من الدركيين.
- وشقيقكما علي؟
ألحق بنا في اليوم الموالي، بعد استقدامه من أهرمومو التي كان قد بقي فيها طيلة فترة وجودنا، أنا وبايزيد، في المستشفى العسكري «الماريفيين» بالرباط. وهناك في «الكوميسارية سنطرال»، تم وضعنا في قاعة تحت أرضية، وقيل لنا إنها كانت قاعة للرياضة وإنه تم إخلاؤها، حديثا، من المعدات والآليات الرياضية وفرشها بمطارح أرضية لننام عليها، لكنني كنت أعرف أنها كانت قاعة تعذيب. بتنا ليلتنا الأولى هناك أنا وبايزيد، وفي اليوم الموالي ألحق بنا علي.
- ما الذي حدث في «الكوميسارية سنطرال» بالمعاريف؟
نزل عندنا ضابط وقال لنا: سأطرح عليكم بعض الأسئلة؛ ثم شرع يسألنا واحدا واحدا، فيجيب كل منا على حدة بينما هو يدون ما نقوله.
- ما الذي سألكم عنه؟
أسئلة روتينية، عن أسمائنا وهويتنا وتاريخ اعتقالنا. هذا كل ما هناك، وقد كان يأتينا بالأكل من فندق حياة ريجنسي، حسب ما كان مكتوبا على بطاقة مرفقة بلفة الطعام.
- كم مكثتم من الزمن في «الكوميسارية سنطرال» بالمعاريف؟
ثلاثة أو أربعة أيام. بعدها أعطونا بذلة وحذاء رياضيين، وأركبونا سيارة شرطة، دون أن يقيدوا أيدينا أو يضعوا عصابة على أعيننا، ثم انطلقت السيارة في اتجاه الرباط. وفي الطريق، قال لنا أحد الضباط المرافقين لنا إنه يعرف عائلة اليعقوبي التي من أفرادها محمد علي زوج أختي حليمة. وعندما وصلت السيارة إلى إدارة الدفاع الوطني، تم وضعنا في ممر قرب مكتب الوكيل العام العسكري.
- من استقبلكم في إدارة الدفاع؟
الوكيل العام العسكري. وقد فوجئنا ببذخ وفخامة مكتبه الذي لم يكن يتوفر عليه حتى رئيس الجمهورية في فرنسا. وجدنا الوكيل العام ينظر إلى ثلاثة ملفات، في كل منها توجد ورقة وحيدة، هي محضر الاستماع إلينا في «كوميسارية» المعاريف. كان الوكيل يتظاهر بتقليبها حتى يتفادى النظر إلينا. بعدها سألنا، واحدا واحدا، عن أسمائنا وتواريخ اعتقالنا، فأجبناه: اختطفنا بالتاريخ الفلاني. بعدها أزاح الملفات جانبا، وفكر لدقائق، ثم قال: المسطرة التي يجب اتباعها هي استنطاقكم ثم صياغة نص قرار يرفع إلى الوزير الأول، بمقتضاه يحيلكم الأخير على المحكمة العسكرية، لكننا لا نملك أي شيء ضدكم، ثم أكمل بالفرنسية: «Par conséquent, vous êtes libre» (وبالتالي، فأنتم أحرار). قال ذلك ثم همّ بالوقوف «زعما الله يتهناكم»، فبادرته أنا بالقول: عن أي حرية تتحدث؟ نحن لا نتوفر على أية وثيقة ثبوتية، وليس معنا مال. كان الجو باردا وقتها، فأضفت: يمكن لأي رجل أمن أن يعتقلنا ويعيدنا من حيث خرجنا. نظر إلي وقال: هل لكم أفراد عائلة في المغرب؟ قلت له: هناك أخ لنا اسمه عمر بوريكات، كان يشتغل في الإذاعة ويسكن في سلا؛ وهناك صهرنا محمد علي اليعقوبي، يسكن في منطقة أنفا بالدار البيضاء. ضغط على الزر، فظهر شرطي، طلب منه أن يتركنا في الممر لبعض الوقت.. بقينا هناك قرابة 11 ساعة، من العاشرة صباحا إلى حوالي التاسعة مساء، لم نذق فيها طعاما، اللهم قطعة صغيرة من «سندويش» اقتسمه معنا الشرطي المكلف بحراسة الممر. وفي حوالي الساعة التاسعة مساء، خرج الوكيل العام العسكري وقال لنا: لقد قضيت اليوم كله وأنا أحاول البحث عن قريب لكم، إلى أن تمكنت قبل قليل من ربط الاتصال بصهركم محمد علي اليعقوبي، وهو قادم، الآن، من الدار البيضاء لاصطحابكم.

بوريكات: نظر الوكيل العام العسكري إلى ملفاتنا وقال: لا نملك أي شيء ضدكم.. أنتم أحرار
قال إن الدركي الذي كلفه الكولونيل فضول بحراسته رفض الامتثال لأوامر بروفيسور المستشفى العسكري
نشر في المساء يوم 13 - 06 - 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير