الاثنين، 28 ديسمبر 2020

المغُوتِي: هذَا مَا شَهدته على محَاولة انقلاَب أوفقِير ضدّ المَلِك

 

 الجمعة 22 فبراير 2013 - 

” أدخلوني إلى الزنزانة رقم 18 وأقفلوا علي الباب الحديدي، وسط ظلام دامس لا أكاد أرى فيه حتى جسدي”.. مفضل المغوتي

ولد الطيار مفضل المغوتي بمدشر ماغو بباب تازة سنة 1940، التحق بالطيران سنة 1961، ومن ثم رحل إلى قاعدة وليامز الأمريكية سنة 1965، إلى حين عودته إلى القاعدة الجوية في القنيطرة سنة 1967. يوم 16 غشت 1972 انقلبت حياته رأسا على عقب، فقد كان من بين ثلاثة الطيارين الذين انطلقوا من القاعدة الجوية بالقنطيرة لإلقاء التحية على طائرة الملك الحسن الثاني العائدة من فرنسا ،فتهم بالمشاركة في انقلاب 1972، المعروف بانقلاب اوفقير. قبض عليه وعلى من بقي على قيد الحياة من المشاركين في الانقلاب وزج بهم في معتقل تازمامرت . حكم على مفضل المغوتي بالسجن 20 عاما قضى منها ثمانية عشر عاما في أهوال سجن تزمامارت الرهيب.

ننبش في هذا الحوار ذاكرة الاعتقال وجحيم سجن تزمامرت الرهيب يرويها لنا مفضل المغوتي وشهادته على محاولة انقلاب أوفقير.


الطيار مفضل المغوتي مرحبا بك، حدثنا عن مرتع صباك وطفولتك؟

مرحبا، رأت عيني النور والمغرب يرزح تحت نير الاستعمار، ولدت في 15 يناير 1940 بمدشر ماغو بباب تازة، لا تبعد كثيرا عن مدينة شفشاون يكاد جبلها العظيم ماغو يلامس جبال المدينة الجميلة ،لا يفصلها عن الدر دارة إلا أربع كيلومترات . دفعني والدي إلى الدراسة في سن مبكرة . وكانت عادة مداشرنا في الشمال أن يدفع الصبية جميعا لتعلم القران وحفظه في المسيد ،لم يكن حظي من ذلك كثيرا لكني حفظت من القران بضعة أحزاب احتفظت بها ذاكرتي إلى أن ولجت المدرسة بفضل صديق والدي الذي أقنعه بإدخالي للمدرسة ، فكان هم والدي أن أتعلم الحساب حتى أعينه في دكانه ولذلك لم يتردد في قبول الفكرة طمعا في أن أكتسب مهارة الحساب لأريحه من متاعب البقالة. بعدها حصلت على الشهادة الإبتدائية سنة 1954، فانتقلت إلى تطوان لإكمال دراستي الثانوية.

“كان الأمل كبيرا في اجتياز امتحان البكالوريا ومنه الالتحاق بالطب،الحلم الذي يراودني لمدة طويلة…” هذا الكلام ورد في مذاكراتك” ويعلو صوت الأذان من جحيم تازمامرت” ،كيف تحول الحلم من الطب إلى الإلتحاق بمدرسة الطيران؟

الطب كان حلمي لكن القدر اختار لي طريقا اخر لم أكن يوما أفكر فيه ،عندما حصلت على شهادة البكالوريا عدت إلى العائلة بباب تازة وأنا جالس بالخارج نزل زميل لي في الدراسة بتطوان من سيارته و بادرته بالسؤال:

من أين أتيت؟

من الرباط..

ما الذي كنت تفعل في الرباط ؟

كنا نتسجل أنا وبعض زملائي لاجتياز مباراة للالتحاق بالطيران..

دخلت الفكرة إلى أعماق قلبي من غير إذن ،وتذكرت اليوم الذي شاهدت فيه لأول مرة طائرة ضخمة تقبل إلى مكان التدريبات التي كان يقيمها الجنود الإسبان في منطقتنا .. سنة 1963 حصلت على الشهادة العليا في الطيران الحربي بفرنسا، وفي الثامن من شتنبر 1965 تم نقل عشرة طيارين وأنت كنت واحد منهم إلى قاعدة وليامز الأميركية ،ما نوع التدريبات التي اخضعتم لها؟

بالنسبة لي كانت البداية في قاعدة وليامز بطائرة “ت 41″ ،وكانت هذه هي الطائرة التي يبتدئ بها من ليس له أي رصيد في مجال قيادة الطائرات . بعد ذلك انتهينا من التدريب من هذا النوع وجاء دور طائرة” ت 37″ التي تحمل محركين اثنين وهي تشبه إلى حد كبير طائرة ” فوكاماجستر” التي تدربنا عليها في فرنسا.كانت دروس التكوين في القاعدة الجوية ” وليامز” جد مكثفة تشمل العديد من المواد.


في العاشر من يوليوز سنة 1971 كان يوما مشهودا بالمغرب ، المصادف لمحاولة إنقلاب الصخيرات التي نظمتها مدرسة هرمومو العسكرية ضد الملك يوم عيد ميلاده .أين كنت يومها ؟

في ذلك اليوم خرجت نهارا إلى السوق ثم قفلت راجعا إلى القاعدة الجوية في القنطيرة، لم يكن الأمر عاديا في الشارع، فقد كانت مدينة القنيطرة على غير عادتها ذلك اليوم ، ملأت شوارعها العديد من الأليات و الشاحنات العسكرية ،لم يخطر ببالي أن حدثا مهما سيحدث في المغرب ذلك اليوم ،كان الجنرال النميشي وقتها هو المسؤول على سلاح الجو ولعله هو الذي أعطى أوامره لتجميع عناصر سلاح الجو في القاعدة الجوية بالقنطرة. دام الأمر على هذا الحال إلى غاية الخامسة مساءا، حيث نزلت مروحية عسكرية بالقاعدة الجوية ،خرج منها اليوتنان أمقران كان وقتها هو رئيس القاعدة الجوية بالقنطرة، توجه إلينا وحكا لنا حقيقة الأحداث بقصر الصخيرات،وأن الإنقلاب خرج من رحم مدرسة هرمومو وأن الرصاص لا زال يدوي هناك.تركنا في ذهول كبير فلم يكن يتصور أحد أن يقع إنقلاب على الملك الحسن الثاني من قبل الجيش .

لكنه وقع وفشل انقلاب الصخيرات، وخطط لانقلاب ثاني بعد مرور عام، سنة 1971 بينما الملك الحسن الثاني عائد من فرنسا مستقلا طائرته البوينغ التي كان يقودها الطيار محمد قباج صديقكم، لكن البوينغ التي كانت تحلق في طريق نزولها فوق الأراضي المغربية فوجئت بهجوم من ست طائرات من نوع ف5 . أود أن أبدأ معك من صبيحة يوم 16 غشت 1972 منذ أن استيقظت إلى أن طرت وقمت بعملية الخفر؟

يوم 16 غشت 1972 بقاعدة القنيطرة الجوية على الساعة الحادية عشرة والنصف دخل علينا أمقران القائد الثاني لقوى الجوية الملكية وعليه علامات الحزم والجدية طلب من كل الطيارين ما عدا ستة أن يغادروا غرفة العمليات..

كنت واحد من الطيارين الستة؟

لا أنا خرجت مع باقي الطيارين ،حينها نادى علي رئيس برج المراقبة وقال لي بأن رسالة جاءته بالإسبانية وطلب مني أن أترجم له المضمون،لم يكن يعرف الإسبانية في القاعدة الجوية إلا ثلاثة أشخاص: أمقران والكويرة، ومفضل المغوتي .الثلاثي الشمالي المعروف. كانت الرسالة جد قصيرة تقول :”أن الملك الحسن الثاني ستقلع طائرته من مطار برشلونة على الساعة الثالثة مساء،وسيصل إلى الحدود المغربية على الساعة الثالثة والأربعين دقيقة أو الخمسين وأربعين دقيقة..”.


في مذكراتك قلت:”على الساعة الثالثة أو الثالثة وربع كان الطيارون الستة قد حركوا طائراتهم فاقلعوا لملاقاة الملك “.. ألم تلاحظ شيئا غير عاد؟ ألم تشك للحظة أنكم بصدد الترتيب لعملية انقلاب ثانية بعد محاولة انقلاب الصخيرات التي نظمت قبل عام واحد؟

كانت الأمور تبدو لنا نحن الطيارين الذين بقوا في القاعدة الجوية في القنيطرة عادية.ولم يخطر ببال أحد منا أن عملية انقلاب تدبر ضد الملك،لم يظهر على الطيارين الستة ولا على أمقران أي أثر للإضطراب أو التوتر، وكنا نترقب نزول طائرة الملك في الرابعة والنصف وكان الأمر كذلك إذ لم تحل الساعة الربعة وعشرين دقيقة حتى تراءت لنا طائرة البوينغ وهي تهم بالنزول وطائرات الستة للحماية على جنبيها .

هذا يعني أن طائرة الملك في الوسط وثلاثة طائرات عن يمينها وذات العدد عن شمالها؟

بالضبط، ثلاثة عن اليمين وثلاثة عن اليسار. وقبل أن تنزل الطائرة نودي علينا من برج المراقبة وجاءتنا أوامر بضرورة إقلاع ثلاث طائرات لمهمة تحية الملك قرب القاعدة الجوية بسلا ،حيث ستنزل طائرة الملك.حلقنا فوق مطار سلا ثم رجعنا إلى القاعدة الجوية بالقنيطرة تماما كما طلب منا . ولم نكن نعرف أن الملك تعرض لمحاولة إسقاط بطائرته ،ولم نعلم أن طائرته ضربت في جناحه،لكني وأنا أحلق لأداء التحية لاحظت أن طائرة الملك كانت خارجة عن المدرج ،ولم أكترث للأمر.فبرج المراقبة بسلا يراقب كل شيء ولو كان الأمر يستدعي التدخل لقامت القاعدة الجوية بسلا بما يلزم..

طائرة الملك أصيبت بأضرار فادحة، الملك الحسن الثاني نجا من موت محقق بعد أن تهيأ للجميع أنه أصيب، وأعطيت تعليمات بعدها بقصف القصر الملكي.. إذن الانقلاب فشل مرة ثانية، صف لي حالة القاعدة الجوية بالقنيطرة بعد القصف حتى لحظة محاصرتها وتطويقها؟

في الوقت الذي نزل فيه الطيارون من طائرتهم،داهم القاعدة الجوية جنود الأرض المسلحون بالدبابات والشاحنات العسكرية وحاصروا المكان وعلمنا بعدها أن الامر لن يتوقف عند حدود منفذي الإنقلاب وأن القاعدة الجوية ستعاقب كلها،لما جاءت الأوامر العليا بالسيطرة على القاعدة الجوية بالقنيطرة كنا حينها في قاعة العمليات نتأمل ما يجري من الأحداث ولا ندري ما سيحدث لنا. ففي هذه الأجواء لا يمكن أن يضمن أحد أنه سيخرج منها سالما. في هذه اللحظة بدأت المداهمات واعتقل المسلحون من الجنود بالقاعدة الجوية ،وأقبل علينا الجنرال عبد السلام ولد النيكرة وكان يرافقه اليوتينان كولونيل لوباريز رئيس قوات المظلين في القوات المسلحة الملكية ،وهو الذي صاح وقتها بصوت مرتفع: انزعوا أسلحتهم بسرعة ،وأسقطوهم أرضا ومروا عليهم بدبابتكم. اعترض عليه الجنرال عبد السلام وقال له: ماذا تقول ألا تعلم أن هؤلاء حتى وإن تورطوا في مؤامرة الإنقلاب فإن القانون يضمن لهم محاكمة عادلة.

على ذكرك للمحاكمة يقول صالح حشاد قائد سرب الطائرات :”إن عدد المتهمين كان 245 متهما ،طيارون،ضباط الصف ،جنود كلكم من القاعدة الجوية بالقنيطرة ظهرتم جميعا في المحكمة في 17 اكتوبر 1972 بالزي الرسمي العسكري زي القوات الجوية . صف لنا أجواء المحاكمة وأنواع الأحكام الصادرة في حقكم؟

صحيح، في شهر أكتوبر أحلنا على المحاكمة في المحكمة العسكرية بالقنيطرة أعطونا بذلتنا الرسمية وركبوا لنا رتبنا العسكرية، كان من حسن حظي أن الأستاذ محمد بوزوبع رحمه الله هو الذي تكلف بالدفاع عني وعن الكولونيل الكويرة .القاضي الذي أمسك الملف هو السيد بوعشرين. والمدعي العام كان هو السيد بن عيادة وقد قام بمرافعة قاسية طالب فيها بالإعدام للبعض وعشرين سنة للآخرين .وقد أخبرني بوزوبع أن القاضي أصدر حكما ببراءتي .لكن الدليمي وزير الدفاع بعد أوفقير إنزعج من الأحكام وأمر بشكل غير مبرر بتغير هيئة المحكمة،وتغير الحكم في منتصف الليل وحكم علي بعشرين سنة، أما أمقران فقد إعترف أمام القاضي وقال له:”يا سيادة القاضي هؤلاء كلهم أبرياء الذين قاموا بالانقلاب ثلاثة :أنا والكويرة وأوفقير .فأعدم كل من أمقران والكويرة … واختلفت القصص حول مصير أوفقير هناك من يقول أنه انتحر ومن يقول أنه نحر.


“كنا نظن أننا سنقضي مدة الحكم بالسجن المركزي وكان أملنا أن يسمح لعائلاتنا بزيارتنا،ولم نتوقع أنه في السابع من غشت سيتم اختطافنا ليلا إلى مكان مجهول”. المكان المجهول الذي تتحدث عنه هو سجن تازمامرت.. كيف تمت عملية نقلكم إلى هناك؟

في السابع من غشت 1973 على الساعة الثالثة والنصف صباحا ،قدم مسؤول الدرك المسمى فضول إلى السجن المركزي ،طلب منا الخروج من زنازيننا وأمر بوضع الكماشة في أيدينا،والعصابة على أعيننا،وأركبونا في شاحنات عسكرية مغطاة،وانطلقت بنا في جنح الظلام.وقفت الشاحنة قرب طائرتين أعدهما خصيصا لنقلنا إلى جهة لا نعرفها اقلعت الطائرة, وظن الجميع أن لحظة الموت قد اقتربت وأن القوم يستعدون لرمينا جميعا في أعماق البحر. نزلت الطائرة ووجدنا شاحنات عسكرية في انتظارنا، رمونا فوق الشاحنات مثل أكياس القمامة . قطعت الشاحنة مسافة طويلة فأزال رجال الدرك الأقلعة عن الشاحنات وانعطف أحدهم إلى صاحبه وقال له: “أي مكان جيئ بهم هؤلاء …الله يلطف بهم…”. أنزلونا، فأدخلونا من باب حديد واسع ومنه إلى ممر طويل وهناك نزعوا الكماشة من أيدينا وأدخلوا كل واحد منا زنزاناته المظلمة ،لم نكن نعلم هذا المكان الذي اقتادونا إليه هو تزمامرت لكن ما أن قضينا فيه ليلة واحدة حتى أيقنا ألا جحيم هذا فوق الذي اتوا بنا إليه الا أن تكون النار التي أعدها الله للكافرين.

أحمد المرزوقي، في كتابه وهو يصف زنزانة تزمامرت، يقول :”كل زنزانة عبارة عن علبة ضيقة من الإسمنت المسلح، طولها ثلاثة أمتار وعرضها مترين ونصف أما علوها فيقرب من أربعة أمتار تسبح ليل نهار في ظلام مطبق” . إحكِ لنا عن أهوال الصيف والشتاء في معتقل تزمامرت لمدة 18 سنة، أي ما يقارب 6550 ليلة..

كان في المعتقل عنبران في كل عنبر تسعة وعشرون زنزانة، وكان قدري أن ألقى في زنزانة “رقم 18 “طولها ثلاثة أمتار وعرضها يتجاوز مترين .وبالزنزانة ثقب صغير خصص للتهوية . في الصيف كانت مئات الحشرات تحيط بنا ولم تسلم أجسادنا من لسعات قوية بالليل من الناموس والبق والبعوض ومن لسعات العقارب والحشرات الطفيلية والبراغيث والخنافس والرتيلاء والعقارب تندس بمكر تحت الغطاء، كانت معاناتنا تزداد في فصل الصيف ففي فصل الشتاء تكون المعاناة مع البرد القرس ،.كنا في الحقيقة نفضل لسعات الحشرات على لسعات البرد الذي لم يكن له دواء خاصة والغطاء قليل،ودرجة الحرارة ثلاثة تحت الصفر . فضلنا على هذا الحال إلى أن أفرج عنا سنة 1991.

جاء الأمر بالإفراج عنكم سنة 1991 ،عدت إلى باب تازة ،كيف كان لقائك مع والدتك بعد 18 سنة من الفراق والغياب؟

في اللحظة التي رأيت فيها والدتي توجهت إلي بالسؤال قائلة:

أ أنت ابني؟

نعم أنا ابنك.

إن كنت حقا ابني فمد لي اصبعك وأرني قفاك.

كان ذلك من ذكاء الوالدة، فقد كنت موسوما بعلامتين، كانت إحداها في اصبعي من أثر جرح قديم ،وزبيبة كانت بادية على قفاي.. مددت لها اصبعي وقفاي تحسستهما ،وعانقتني ببكاء و قالت : “طال غيابك يا ولدي”.

“ويعلو صوت الأذان من جحيم تزمامرت”، عنوان مذكراتك داخل تزمامازت، عنوان يحمل بين ثناياه طاقة وحمولة دينية إلى أي حد نجح العامل الديني في مؤازرتكم طيلة مدة اعتقال؟

القران الكريم كان أملنا الوحيد، فلم يمر أسبوعان حتى أعطاني حارس إسمه العربي اللوبز مصحفا، تسلمت المصحف، تسلمت ما كنت أعتقد دائما أنه العلاج لكل داء نفسي الذي يحل بنفس بالإنسان،في فترات تماسكها واضطرابها في ثباتها وحيرتها وبأسها وتفاؤلها في لحظات قوتها وضعفها. كان المعنى الذي أعطنى لنا بصيص الأمل وجعله نستصغر الطغاة الظلمة،وننظر إلى حكمة الله البعيدة. أذكر أني اقترحت على الإخوان أن نبدأ حصص حفظ القران الكريم استقبل المعتقلون الاقتراح بفرح كبير،فلم يكن ليتصوروا أن تتيسر لهم فرصة حفظ القران والعيش في ظلاله في جحيم هذا المعتقل. أبلغتهم أني سألتزم قراءة ثمن من القران كل يوم ،وسأعيده أكثر من مرة حتى يترسخ في أذهانهم،وكلما انتهينا من ثمن انتقلنا إلى الذي يليه حتى نختم حفظ القران بأكمه.

بعد صدور الأمر بالعفو عنكم سنة 1991، هل تلقيتم أيّ تعويضات؟

لم نحصل على تعويضات إلا بعد مرور أربع سنوات. سنة 1994 وصلتنا رسالة من وزارة حقوق الإنسان، وكان على رأسها وقتئذ الوزير الشمالي عمر عزيمان، تستدعينا للحضور إلى مقر الوزارة. سافرنا إلى الرباط وكانت هذه هي الفرصة الأولى التي التقى فيها معتقلو تازمامرت بعضهم البعض بعد مضي أربع سنوات على الإفراج عنا. تسلمنا غلافا ماليا بمبلغ خمسة ألاف درهم بقينا نتقاضى هذا المبلغ إلى حدود سنة 2001 وفي هذه السنة استدعانا السيد ادريس الضحاك إلى مقر المجلس الاستشاري لحقوق الانسان فتسلمنا شيكات بعضها يحمل مبلغا ماليا قدره مائتي ألف درهم وبعضها يحمل ثلاثمائة وخمسين الف درهم .وما ان تسلمنا التعويض حتى سحبت الأعمال الاجتماعية دعمها الشهري لنا .وكأننا لم نكن من قبل موظفين لهذه الدولة نتمتع بحقوق التقاعد والتعاضدية الصحية وغيرها مما هو من حقوقنا المدنية.

* طالبة بمعهد البحر الابيض المتوسط للصحافة وتقنيات الاعلام بطنجة







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير