السبت، 26 ديسمبر 2020

تزمامارت..حكاية أحد الناجين من الزنزانة رقم 10

 تزمامارت..حكاية أحد الناجين من الزنزانة رقم 10

تاريخ النشر: 2018-08-29 

يعد كتاب "تزمامارت الزنزانة رقم عشرة من بين أبرز كتب السجون.

 وفي هذا الكتاب يروي الضابط المغربي أحمد المرزوقي، كيف دفنه الملك الحسن الثاني حيا طيلة عشرين سنة في سجن لم يكن أحد يعرف اسمه أو عنوانه. كما يروي لك الكتاب بأسلوب مشوق الألم الذي تجرعه السجين طيلة الفترة التي قضاها بين القضبان. ويسرد لنا علاقة السجين بالسجان. فنرى هذا الأخير في مرات عديدة غليظ القلب وشديد القسوة وشخصية مساعدة في أحيان أخرى.

"غوانتانامو" المغرب

يشبه البعض سجن تزمامارت المغربي بسجن أبو غريب في العراق الذي ذاق فيه السجناء العذاب صنوفا.

يعدّ معتقل تازمامارت أحد أبرز معالم ما سمي بـ"سنوات الرصاص" في المغرب، طوال فترة حكم الملك الراحل، الحسن الثاني.

وتمتد "سنوات الرصاص" من ستينيات القرن الماضي إلى بداية التسعينات، وشهدت اعتقالات لأسباب سياسية واختطافات وتعذيب المعارضين.

بني معتقل تزمامارت السري على بعد 20 كيلومترا من مدينة الريش المغربية.

وسنة 1973 زج الملك المغربي الراحل مجموعة من الضباط والعسكريين في هذا السجن، بعد محاولة الانقلاب عليه فيما يعرف بانقلاب الصخيرات. وكانت المملكة تنفي نفيا قطعيا وجود هذا المعتقل الذي حرصت على ابعاده عن الأعين حتى يتم التعذيب في كنف السرية.

الأيام الأولى في جحيم تزمامارت

يروي أحمد المرزوقي الأيام والساعات الأولى التي قضاها مع رفاقه في سجن تزمامارت. ويحدثنا عن محاولتهم للتأقلم.

يقول الكاتب: "أفظع ما في السجن إطلاقًا كما يعرف المجربون هو رتابة أيامه التي تمر على السجين كما تمر القافلة البطيئة في صحراء جرداء مقفرة".

ويضيف: "هجمت على خيالنا جحافل من أفكار قاتمة ونحن نتخبط في مهاوي ذلك اليأس القاتل". 

وحول البدايات يقول أحمد مرزوق كذلك: "كانت عبادتنا في البداية بدافع الخوف من الله, ثم أصبحت فيها مع مرور الأيام حلاوة كانت تتلاشى معها جميع مباهج الدنيا وتزول كل وساوس الخوف من المجهول".

ومن أبرز الحكم التي تضمنها هذا الكتاب قول المرزوقي: "إذا كنّا سنخرج من هذا القبر لنعيش في الذل والمهانة ولنشحذ شفقة الناس ورحمتهم فأحرى بنا ألف مرة أن نموت هنا في الصمت و الكرامة".

ألم السجين وظلم السجان

وصف المرزوقي بدقة معاناته في سجون تزمامارت .

وقال "في تازمامارت كان تفكيرنا محصورا دائما في الجوع والبرد، كنا نحلم بالشبع إلى درجة الهوس".

وأضاف: "والغطاء؟ كان حظنا منه لحافين بالين ممزقين قذرين تفوح منهما رائحة الخيل والبغال والحمير معًا".

ويتابع في وصف المعاناة: "كان كلما اقترب الليل، قدمت جحافله بكل أنواع المناشير والمقامع لتشج وتحز وتمزق فينا العقل والأعصاب. فبعضنا كان يقضي الساعات الطوال في القفز المتواصل وكأن به من الجنون مساً، وبعضٌ آخر، كان يذرع الزنزانة في الظلام جيئة وذهاباً على نحو ما تفعله الحيوانات الأسيرة في أقفاصها الضيقة. أما فئة أخرى فقد كانت تستمر في حك أطراف جسدها بحثاً عن سراب دفء".

ويكمل بالقول: "ومن حين إلى آخر كانت دماؤنا تتجمد رعبًا كلما قدمت أفعى إلى العنبر وشرعت تخرج من زنزانة وتدخل إلى أخرى باحثة عن الفئران الطرية, وقد حدث في كثير من المرات أن استلذت المقام عند أحدنا فباتت في كرم الضيافة حتى مطلع الفجر". 

لحظة لقاء الأم بعد 20 عاما من الغياب

يروي أحمد مرزوق بأسلوب مشوّق ومحزن في ىن لحظة التقائه بوالدته بعد أن فارقها لمدة 20 عاما.

يعد ما كتبه مرزوق حول ارتمائه في أحضان أمه من بين أجمل الكلمات التي كتبت عن الفراق والشوق والطوق للقاء. 

كنت مصمما أن ألقاها بابتسامة عريضة كي لا أزيد في إرهاق قلبها المنهوك بشدة الألم وطول الانتظار، كما كنت أود أن أبرهن لها بأنني لازلت كما كانت تريدني دائما أن أكون: صابرا متحسبا أبيا.

يقول الكاتب: "لما تواجهنا وأصبح كل واحد منا على مرمى خطوة من الآخر، وقفتُ. ووقَفت. فتحت عينيها تنظر إلي كالمصعوقة. حاولت أن أبتسم، فجمعت شتات عقلي وقلت في دفعة واحدة بصوت خرج مبحوحاً من شدة الاختناق: حبيبتي أمي. كيف أنت؟".

شهق شهقتين ثم انفجر باكيا وهو يرتمي عليّ ويحضنني بعنف كاد به أن يصهر عظامي الهشة.

وفي وصفه لوجه أمه بعد سنوات الفراق يقول: إلهي لشدة ما تبدل ذلك الوجه الحنون الجميل. تكالب الزمان عليه بضروب المحن والعذاب فرسم فيه لوحة باكية تحكي تجاعيدها العميقة بفصاحة صامتة عن مواسم الانسحاق المرعدة الممطرة التي حلت به".







عن موقع 

الوطن alwatannews

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير

حكايات السعدنى الحلقة السادسة عن الجنرال المغربي محمد اوفقير